كيف تفسر رؤياك ؟

الرؤيا ثلاثة أنواع.. إذا كانت الرؤيا سيئة مكروهة استحب لرائيها سبعة أشياء، إن فعلها لن تضره إن شاء الله تعالى، وهى:

- الاستعاذة بالله من شرها.
- الاستعاذة من الشيطان ثلاثاً.


- أن يتفل عن اليسار ثلاثاً.
- التحول عن الجنب الذى كان نائماً عليه.
- الصلاة.
- أن لا يحدث بها أحداً.
- ولا يفسرها.
- وإذا كانت الرؤيا حسنة صالحة استحب لرائيها أربعة أشياء:
- أن يحمد الله تعالى عليها.
- أن يستبشر بها خيراً.
- أن يحدث بها من يحبهم.
- أن يفسرها تفسيراً حسناً صحيحاً، لأن الرؤيا تقع على ما تفسر به.

وهذا يعنى أن على المرء الحالم أن لا يشتعل إلا بتفسير الرؤيا الحسنة الصالحة، لا المكروهة، ولا التى تكون من قبيل الأضغاث ومما يحدث به نفسه.

أما كيف تفسر الرؤيا تفسيراً صحيحاً؟..

فاتبع الخطوات التالية:
أ- ضع يدك من الرؤيا على المهم منه والذى تراه يرمز إلى أمر من أمور الواقع- وما تعلقت أمثاله ببشارة ونذر وتنبيه ومنفعة فى الدني وفى الآخرة واترك ما سوى ذلك من الحشو والخلط والأمور التى لا تنتظم.

ب- اجعل لكل ما وضعت عليه يدك من الرموز والأمور المهمة أصلاً من أصول التعبير المستنبطة بدلالة القرآن الكريم وبدلالة الحديث الشريف، وبدلالة المعنى والقياس والتشبيه، وبدلالة الأسماء واشتقاق اللغة. - بعد أن عرضت رموز الرؤيا على الأصول وجعلت لك رمزاً (أو شيئاً مهماً) أصلاً صحيحاً قم بتجميع هذه الأصول بعضها إلى بعض، وحاول أن تؤلف بينها لتستخرج معنى مستقيماً وتعبيراً واضحاً.

ج- بعد أن عرضت رموز الرؤيا على الأصول وجعلت لك رمزاً (أو شيئاً مهماً) أصلاً صحيحاً قم بتجميع هذه الأصول بعضها إلى بعض، وحاول أن تؤلف بينها لتستخرج معنى مستقيماً وتعبيراً واضحاً.

د- وإن وجدت الرؤيا تحتمل معنيين متضادين وتفسيرين مختلفين نظرت أيهما أولى بألفاظها وأقرب من أصولها فحملتها عليه.

هـ- وربما ترى الرؤيا ويعود تأويلها إلى أخيك وصديقك وأحد أقاربك ومن له علاقة بك ويكون ذلك إذا كانت الرؤيا لا تليق بك معانيها ولا يمكن أن ينال مثلك موجبها ويكون صاحبك أحق بها منك كدلالة الموت مثلاً لا تنقل عن صاحبها إلا أن يكون سليم الجسم فى اليقظة وشريكه مريضاً، فيكون لمرضه أولى بها لدنوه من الموت.

وقد رأى النبى صلى الله عليه وسلم فى النوم مبايعة أبى جهل له فكان ذلك لابنه عكرمة، فلما أسلم، قال صلى الله عليه وسلم: "هو هذا" ورأى لأسيد بن العاص ولاية مكة، فكان لابنه عتاب بن أسيد ولاه النبى صلى الله عليه وسلم مكة

و- وإذا رأيت رؤيا وكان فى تأويلها عورة لمسلم قد سترها الله عليه، فاستر عليه ولا تحكها ولا تسمه فيها إذا ذكرتها فإنك إن فعلت ذلك اغتبت أخاك.

ز- واعلم أن التأويل يختلف باختلاف أقدار الأشخاص وهيئاتهم فلكل إنسان تعبير يناسبه وتأويل يليق به فتكون لواحد رحمة وعلى الآخر عذاباً.

التعبير بدلالة القرآن الكريم..
- كالحبل تعبره بالعهد، لقوله سبحانه: (واعتصموا بحبل الله) سورة آل عمران.
- والسفينة تعبرها بالنجاة، لقوله تعالى: (فأنجيناه وأصحاب السفينة) سورة الأعراف.
- والخشب تعبره بالنفاق، لقوله عز وجل: (كأنهم خشب مسندة) سورة المنافقون.
- والحجارة تعبرها بالقسوة، لقوله جل ذكره: (فهى كالحجارة وأشد قسوة) سورة البقرة.
- والطفل الرضيع تعبره بالعدو، لقوله تعالى: (فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدواً وحزناً) سورة القصص.
- والرماد تعبره بالعمل الباطل لقوله تعالى: (مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح) سورة إبراهيم.
- والغرق يعبر بالفتنة لقوله تعالي: (مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا ناراً) سورة نوح.
- وأكل اللحم النيئ يعبر بالغيبة، لقوله تعالى : (أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً) سورة الحجرات.
- والبقل والقثاء والفوم والعدس والبصل يعبر لمن أخذه بأنه قد استبدل شيئاً أدنى بما هو خير منه من مال ورزق وعلم وزوجة ودار لقوله تعالى: (فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذى هو أدنى بالذي هو خير) سورة البقرة.
- والشجرة الطيبة تعبر بالكلمة الطيبة، والخبيثة بالكلمة الخبيثة لقوله تعالى: (ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة) سورة إبراهيم.
- والضلع والقوارير تعبر بالنساء لقوله صلى الله عليه وسلم: "المرأة خلقت من ضلع" وقوله: "ويحك يا أنجشة رويداً سوقك بالقوارير" رواهما الشيخان.
- والقميص يعبر بالدين، لقوله صلى الله عليه وسلم: "رأيت الناس عرضوا على وعليهم قمص منها ما يبلغ الثدي، ومنها ما يبلغ دون ذلك، وعرض على عمر بن الخطاب وعليه قميص يجتره"، قالوا: فما أولته يا رسول الله؟.. قال: "الدين" أخرجه الشيخان.
- واللبن يعبر بالعلم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أوله بالعلم، ويعبر بالفطرة لحديث الإسراء.
- والمرأة السوداء الثائرة الرأس تعبر بالوباء لقوله صلى الله عليه وسلم: "رأيت أن امرأة سوداء ثائرة الرأس خرجت من المدينة حتى قامت بمهيعة - وهى الجحفة- فأولت أن وباء المدينة نقل إليها" رواه البخارى.
- والغيث يعبر بالهدى والعلم، لقوله صلى الله عليه وسلم: "مثل ما بعثنى الله به من الهدى والعلم كمثل غيث.." الحديث متفق عليه.
- والصراط المستقيم يعبر بالإسلام، والأسوار تعبر بحدود الله تعالى، والأبواب المفتحة محارم الله، لحديث النواس: "ضرب الله مثلاً صراطاً مستقيماً، وعلى جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى باب الصراط داعٍ..." الحديث رواه احمد والترمذى وغيرهما.
- والدار تعبر بالجنة، والمأدبة تعبر أيضاً بالإسلام، والداعي الذى يدعو إلى المأدبة محمد صلى الله عليه وسلم، فمن أجاب الداعي دخل الدار، فتلك الرؤيا بشارة له بالجنة-إن شاء الله- لحديث البخارى: "جاءت ملائكته إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم.. وفيه "مثله كمثل رجل بنى داراً وجعل فيها مأدبة وبعث داعياً، فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة، ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة".
- والإبل تعبر بالعز، والغنم بالبركة، والخيل بالخير، لحديث ابن ماجه: "الإبل عز لأهلها، والغنم بركة، والخير معقود فى نواصي الخيل إلى يوم القيامة".
- والكلب يعود فى قيئه يعبر برجل يعود فى هبته للحديث المتفق على صحته: "العائد فى هبته كالكلب يعود فى قيئه".
- والأترجة تعبر بالمؤمن الذى يقرأ القرآن والتمرة بالمؤمن الذى لا يقرأ القرآن والريحانة بالمنافق الذى يقرأ القرآن والحنظلة بالمنافق الذى لا يقرأ القرآن، لقوله صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمن الذى يقرأ القرآن مثل الأترجة: ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذى لا يقرأ القرآن كمثل التمرة: لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذى يقرأ القرآن كمثل الريحانة، ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذى لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة، ليس لها ريح وطعمها مر" متفق عليه.
- والظلم يعبر بالظلمات والعكس، والشح بالهلاك وسفك الدماء لقوله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم" رواه مسلم.
- والنخلة والتمرة تعبر بالمسلم والصالح لقوله صلى الله عليه وسلم: " إن من الشجرة شجرة لا يسقط ورقها وإنها مثل المسلم، حدثوني ما هى؟ قال ابن عمر: فوقع الناس فى شجر البوادي، ووقع فى نفسى أنها النخلة، ثم قالوا: حدثنا ما هى يا رسول الله؟.. قال: هى النخلة" متفق عليه.
- وحامل المسك يعبر بالجليس الصالح، ونافخ الكير يعبر بالجليس السوء للحديث المتفق عليه "مثل الجليس الصالح والجليس السوء..".

التعبير بدلالة المعنى والقياس والتشبيه..
- كالنار تعبر بالفتنة، لأن النار تفسد كل ما تمر عليه وتتصل به وكذلك الفتنة.
- والنجوم بالعلماء، لحصول هداية أهل الأرض بها.
- والحديد وأنواع السلاح يعبران بالقوة والنصر والمال.
- والرائحة الطيبة تعبر بالثناء الحسن وطيب القول والعمل.
- والرائحة الخبيثة بالعكس.
- والديك رجل عالى الهمة بعيد الصيت.
- والحية عدو وصاحب بدعة يهلك بسمه.
- وخروج المريض من داره ساكتاً يعبر بموته، ومتكلماً يعبر بحياته.
- والخروج من الأبواب الضيقة يعبر بالفرج والنجاة.
- والسفر من مكان إلى مكان يعبر بالانتقال من حال إلى حال.
- وموت الرجل يعبر بتوبته ورجوعه إلى الله تعالى لأن الموت رجوع إلى الله تعالى.
- والزرع والحرث بالعمل.
- والكلب عدو ضعيف كثير الصخب.
- والثعلب يعبر برجل غادر ماكر محتال مراوغ عن الحق.
- وكل زيادة محمودة فى أعضاء الجسم فزيادة خير، وكل زيادة متجاوزة للحد فى ذلك فشر.
- وكل صعود وارتفاع فمحمود، وكل سقوط من علو إلى أسفل فمذموم.
أما التعبير بالأسماء واشتقاق اللغة..
- كمن رأى رجلاً يسمى راشداً يعبر بالرشد، وإن كان يسمى سالماً يعبر بالسلامة وسعيداً بالسعادة ونافعاً بالنفع، وعقبة بالعافية، ورافعاً بالرفعة، وأحمد بالحمد وصالحاً بالصلاح.

روى مسلم من حديث أنس عن النبى صلى الله عليه وسلم قال:
"رأيت ذات ليلة فيما يرى النائم كأنا فى دار عقبة بن رافع فأتينا برطب من رطب ابن طاب، فأولت الرفعة لنا فى الدنيا، والعاقبة فى الآخرة، وأن ديننا قد طاب".

وقد رأى النبى صلى الله عليه وسلم فى النوم مبايعة أبى جهل له فكان ذلك لابنه عكرمة، فلما أسلم، قال صلى الله عليه وسلم: "هو هذا" ورأى لأسيد بن العاص ولاية مكة، فكان لابنه عتاب بن أسيد ولاه النبى صلى الله عليه وسلم مكة.

واعلم أن التأويل يختلف باختلاف أقدار الأشخاص وهيئاتهم فلكل إنسان تعبير يناسبه وتأويل يليق به فتكون لواحد رحمة وعلى الآخر عذاباً.

سأل رجل ابن سيرين، قال: رأيت فى المنام كأني أؤذن قال: تحج وسأله آخر، فأوله بقطع يده فى السرقة، فقيل له فى التأويلين، فقال رأيت الأول على سيماء حسنة فأولت قوله سبحانه وتعالى: (وأذن فى الناس بالحج) ولم أرض هيئة الثانى، فأولت قوله عز وجل: (ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون)..

وكان يقول فى الرجل يخطب على المنبر يصيب سلطاناً فإن لم يكن من أهله يصلب.
يقول المناوى فى شرح ألفية ابن الوردي:

اعلم أن الرؤيا إن علمت وفهمت من أولها إلى آخرها فتأويلها سهل، وإن علم بعضها وفهم، وأشكل البعض فيعبر ما علم، ويفحص عن الباقى بعضاً فبعضاً، فإن صارت أبعاضاً مفهومة، فذلك وإن لم تفهم كلها نظر فى المناسبة بين أجزائها فإن كان لها مناسبة استدل بتلك المناسبة من بعضها لبعض ويدقق النظر فى استنباط تأويلها، وإن كانت الرؤيا غريبة نادرة لم تقع مثلها فلا يتجاسر، ولا يبادر فى تعبيرها بل يتوقف فيها حتى يظهر عاقبتها".

وأخيراً فلكي تصير متمكناً فى تعبير رؤياك فلابد لك من حفظ الأصول الصحيحة ووجوهها واختلافها.. المستنبطة بدلالات القرآن والسنة والمعاني والأسماء والقدرة على تأليف هذه الأصول بعضها إلى بعض مع فراسة وذكاء ومعرفة بأحوال الناس.